سورة الذاريات - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الذاريات)


        


{فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39)}
{فتولى بِرُكْنِهِ} فأعرض عن الإيمان وسى عليه السلام على أن ركنه جانب بدنه وعطفه، والتولي به كناية عن الإعراض، والباء للتعدية لأن معناه ثني عطفه، أو للملابسة، وقال قتادة: تولى بقومه على أن الركن عنى القوم لأنه يركن إليهم ويتقوى بهم، والباء للمصاحبة أو الملابسة وكونها للسببية غير وجيه، وقيل: تولى بقوته وسلطانه، والركن يستعار للقوة كما قال الراغب وقرئ بركنه بضم الكاف اتباعًا للراء {وَقَالَ ساحر} أي هو ساحر {أَوْ مَجْنُونٌ} كان اللعين جعل ما ظهر على يديه عليه السلام من الخوارق العجيبة منسوبة إلى الجن وتردد في أنه حصل باختياره فيكون سحرًا، أو بغير اختياره فيكون جنونًا، وهذا مبني على زعمه الفاسد وإلا فالسحر ليس من الجن كما بين في محله فأو للشك، وقيل: للإبهام، وقال أبو عبيدة: هي عنى الواو لأن اللعين قال الأمرين قال: {إِنَّ هذا لساحر عَلِيمٌ} [الشعراء: 34] وقال: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الذى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27] وأنت تعلم أن اللعين يتلون تلون الحرباء فلا ضرورة تدعو إلى جعلها عنى الواو.


{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)}
{فأخذناه وَجُنُودَهُ فنبذناهم} طرحناهم غير معتدّين بهم {فِي اليم} في البحر، والمراد فأغرقناهم فيه، وفي الكلام من الدلالة على غاية عظم شأن القدرة الربانية ونهاية قمأة فرعون وقومه ما لا يخفى {وَهُوَ مُلِيمٌ} أي آت بما يلام عليه من الكفر والطغيان فالأفعال هنا للإتيان بما يقتضي معنى ثلاثية كأغرب إذا أتى أمرًا غريبًا، وقيل: الصيغة للنسب، أو الإسناد للسبب وهو كما ترى وكون الملام عليه هنا الكفر والطغيان هو الذي يقتضيه حال فرعون وهو مما يختلف باعتبار من وصف به فلا يتوهم أنه كيف وصف اللعين بما وصف به ذو النون عليه السلام.


{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)}
{وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا} على طرز ما تقدم {عَلَيْهِمُ الريح العقيم} الشديد التي لا تلقح شيئًا كما أخرجه جماعة عن ابن عباس وصححه الحاكم، وفي لفظ هي ريح لا بركة فيها ولا منفعة ولا ينزل منها غيث ولا يلقح بها شجر كأنه شبه عدم تضمن المنفعة بعقم المرأة فعيل عى فاعل من اللازم وكون هذا المعنى لا يصح هنا مكابرة، وقال بعضهم وهو حسن: سميت عقيمًا لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم على أن هناك استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم بعقم النساء وعدم حملهن لما فيه من إذهاب النسل ثم أطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم، وفعيل قيل: عنى فاعل أو مفعول، وهذه الريح كانت الدبور لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور» وأخرج الفريابي. وابن المنذر عن علي كرم الله تعالى وجهه أنها النكباء، وأخرج ابن جرير وجماعة عن ابن المسيب أنها الجنوب، وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنها الصبا، والمعول عليه ما ذكرنا أولًا، ولعل الخبر عن الأمير كرم الله تعالى وجهه غير صحيح.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16